rohani abdo Admin
عدد المساهمات : 485 تاريخ التسجيل : 21/02/2010 العمر : 48 الموقع : www.taaam-ma.ahlamontada.com
| | باب ما جاء في الكهان ونحوهم | |
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- باب ما جاء في الكهان ونحوهم . روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما "
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " -صلى الله عليه وسلم- رواه أبو داود وللأربعة والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" -صلى الله عليه وسلم-
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفا، وعن عمران بن حصين مرفوعا " ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " -صلى الله عليه وسلم- رواه البزار بإسناد جيد ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن مسعود دون قوله: " ومن أتى. ..إلخ".
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن، والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل،
وقيل: الذي يخبر عما في الضمير. قال أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله-: العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق،
وقال ابن عباس -رضي الله عنه- في قوم يكتبون أباجاد وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
باب ما جاء في الكهان ونحوهم؛ هذا الباب أتى بعد أبواب السحر؛ لأن حقيقة عمل الكاهن أنه يستخدم الجن لإخباره بالأمور المغيبة، إما التي غابت في الماضي أو الأمور المغيبة في المستقبل التي لا يعلمها إلا الله -جل جلاله- فالكاهن يجتمع مع الساحر في أن كلا منهما يستخدم الجن لغرضه ويستمتع بالجن لغرضه، ومناسبة الباب لكتاب التوحيد أن الكهانة استخدام للجن،
واستخدام الجن كفر وشرك أكبر بالله -جل وعلا- وأنه لا يجوز أن يستخدم الجن في مثل هذه الأشياء، واستخدام الجن في مثل هذه الأشياء لا يكون إلا بأن يتقرب إلى الجن بشيء من العبادات، فالكهان لا بد حتى يخدموا بذكر الأمور المغيبة لهم أن يتقربوا إلى الجن ببعض العبادات إما بالذبح أو الاستغاثة أو بالكفر بالله -جل وعلا- بإهانة المصحف أو بسب الله أو نحو ذلك من الأعمال الشركية الكفرية. فالكهانة صنعة مضادة لأصل التوحيد، والكاهن مشرك بالله -جل وعلا-؛ لأنه يستخدم الجن ويتقرب إلى الجن بالعبادات حتى تخدمه الجن، حتى تخبره الجن بالمغيبات
هذا لا يمكن إلا بأن يتقرب إلى الجن بأنواع العبادات، وأصل الكهان في الجاهلية كانوا كما مر معنا في حديث جابر في باب سبق أن الكهان كانت منتشرة في بلاد العرب في الجزيرة وفي غيرها، والكهان أناس يدعى فيهم الولاية والصلاح عندهم وأن عندهم علم ما سيكون في المستقبل، أو عندهم علم المغيبات التي ستحدث للناس أو تحدث في الأرض ولهذا كانت العرب تعظم الكهان وكانت تخاف من الكهان وكانت تعطي الكاهن أجرا عظيما؛ لأجل ما يخبر عنه. والكاهن كما ذكرنا لا يصل إلى حقيقة عمله بأن يخبر عن الأمور المغيبة إلا باستخدام الجن والتقرب إلى الجن بالتقربات الشركية فتستمتع الجن به من جهة ما صرف لها من العبادة ويستمتع هو بالجن من جهة ما يخبره به الجن من الأمور المغيبة.
والجن تصل إلى الأمور المغيبة التي تصدق فيها عن طريق استراق السمع، فإن بعضهم يركب بعضا حتى يسمع الوحي الذي يوحيه الله -جل وعلا- في السماء وربما أدرك الشهاب الجني قبل أن يلقي الكلمة لمن تحته، وربما أدرك الشهاب الجني بعد أن ألقى الكلمة فتأتي هذه الكلمة للجن فيعطونها الكهان فيكذب معها الكاهن أو تكذب معها الجن مائة كذبة حتى يعظم شأن الكهان وحتى تعظم عبادة الإنس للجن.
وقبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- كان استراق السمع كثيرا جدا وبعد بعثته -عليه الصلاة والسلام- حرست السماء من أن تسترق الجن السمع، لأجل تنزل القرآن والوحي حتى لا يقع الاشتباه في أصل الوحي والنبوة، وبعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- يقع الاستراق ولكنه قليل بالنسبة لما كان عليه قبل البعثة، وصارت عندنا أحوال استراق السمع ثلاثة: قبل البعثة كثير جدا وبعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحصل استراق من الجن. وإن حصل فهو نادر في غير وحي الله -جل وعلا- بكتابه لنبيه،
والحالة الثالثة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- رجع استراق السمع أيضا ولكنه ليس بالكثرة التي كانت قبل ذلك؛ لأن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا والله -جل وعلا- بين ذلك في القرآن في آيات كثيرة من أن النجوم والشهب ترمي الجن كما قال -جل وعلا-:" إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ " ونحو ذلك من الآيات التي فيها أن الشهب مرصده للجن تبينت لك حقيقة الكاهن. إذا ظهر ذلك، فالكاهن قد يطلق عليه العراف وهذا الاسم الكاهن أو العراف اسمان متداخلان قد يكون أحدهما يدل على الآخر، وعند بعض الناس أو في بعض الفئات يستخدم الكاهن للإخبار لما يحصل في المستقبل، ويستخدم كلمة أو لفظ العراف لمن يخبر عن الغائب عن الأعين مما حصل في الماضي من مثل مكان المسروق أو السارق من هو؟ ونحو ذلك مما هو غائب عن الأنظار وإنما يعلمه العراف بواسطة الجن.
والصحيح في ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية أن العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلمون في معرفة الأمور بتلك الطرق، من تكلم في معرفة الأمور المغيبة إما الماضية أو المستقبلة بتلك الطرق، طريق التنجيم أو طريق الخط في الرمل أو طريق الطرق على الحصى أو الخط في الرمل بطريق الطرق أو بالودع أو نحو ذلك من الأساليب أو بالخشبة المكتوب عليها أباجاد أو نحو ذلك من قراءة الفنجان أو قراءة الكف كل من يخبر عن الأمور المغيبة بشيء يجعله وسيلة لمعرفة الأمور المغيبة يسمى كاهنا ويسمى عرافا؛ لأنه لا يحصل له أمره إلا بنوع من أنواع الكهانة، وسيأتي ذلك -إن شاء الله-.
قال -رحمه الله-: " باب ما جاء في الكهان ونحوهم " يعني: من العرافين والمنجمين والذين يخطون في الرمل والذين يكتبون على الخشب ونحو ذلك. قال: " روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما " .
هذا الحديث نبه الشراح على أن لفظه في مسلم " من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما " بدون كلمة " فصدقه " وكلمة " فصدقه " في هذا الحديث موجودة في مسند الإمام أحمد الشيخ -رحمه الله- ذكر هذا الفظ وعزاه لمسلم على طريقة أهل العلم في عزو الحديث لأحد صاحبي الصحيح إذا كان أصله فيهما باتحاد الطريق أو نحو ذلك.
" من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما " هذا الحديث فيه جزاء الذي يأتي العراف فيسأل العراف، وقلنا: إن العراف يشمل اسم الكاهن ونحو ذلك، فمن أتى عرافا فسأله بمجرد سؤال ولم يصدقه فإنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما، والمقصود من قوله: لم تقبل له صلاة أربعين يوما أنها تقع مجزئة لا يجب عليه قضاؤها، ولكن لا ثواب له فيها؛ لأن الذنب والإثم الذي حصله حين أتى العراف فسأله عن شيء يقابل ثواب الصلاة أربعين يوما فأسقط هذا هذا، ويدل ذلك على عظم ذنب الذي يأتي العراف فيسأل العراف عن شيء ولو لم يصدقه، وهذا عند أهل العلم في حق من أتى العراف فسأله عن شيء رغبة في الاطلاع، أما من أتى العراف فسأله للإنكار عليه وحتى يتحقق أنه عراف فلا يدخل في ذلك؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. | |
|
الجمعة مارس 23, 2012 6:25 am من طرف rohani abdo